منتدى موظفي العدل
مرحبا بك على صفحات منتدى موظفي العدل ،المشاركة الفعالة هدفنا وهدفك ، ساهم في تنمية متجددة من أجل وضعية افضل ووعي متميز.
منتدى موظفي العدل
مرحبا بك على صفحات منتدى موظفي العدل ،المشاركة الفعالة هدفنا وهدفك ، ساهم في تنمية متجددة من أجل وضعية افضل ووعي متميز.
منتدى موظفي العدل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى موظفي العدل

هذا المنتدى مجلس لجميع موظفي العدل من أجل وعي متجدد وعطاء مستمر ومعلومات ومستجدات تهم كل ما له صلة بموظفي العدل ومفتوح لكل غاية مفيدة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفاعل النقابي بين المسؤولية والالتزام الأخلاقي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عدنان العزماني

عدنان العزماني


عدد المساهمات : 70
تاريخ التسجيل : 16/05/2011

الفاعل النقابي بين المسؤولية والالتزام الأخلاقي Empty
مُساهمةموضوع: الفاعل النقابي بين المسؤولية والالتزام الأخلاقي   الفاعل النقابي بين المسؤولية والالتزام الأخلاقي Icon_minitimeالأحد يونيو 26, 2011 12:20 am

صحراء بريس
صحراء بريس : 30 - 09 - 2010
بقلم :بوجمع بوتوميت :
الفاعل النقابي بين المسؤولية والالتزام الأخلاقي
بسم الله الرحمان الرحيم
مقدمة :
إننا في محاولتنا هاته لملامسة جوانب الاختلالات في الفعل النقابي ،لا ندعي إحاطة بالموضوع ولا سبقا في تناوله والاهتمام به، بقدر ما هي محاولة للإطلالة على طبيعة الممارسة وتمظهرات الأزمة والأخلاقيات المفقودة ،مع العلم أن ما يؤسس لرؤيتنا وتناولنا للموضوع هو تجربة ومتابعة ميدانية نعتبرها كافية للإحاطة بأغلب أسباب وتجليات الأزمة النقابية بالمغرب، في إطار بنية متكاملة ومتشابهة في العديد من الأوجه والإشكالات رغم ما قد يبدو من مظاهر مختلفة هنا أو هناك ، كما أن قراءتنا للفعل النقابي على أرضية الواقع المحلي لا تنفي إيماننا بأن السياق النقابي المحلي هو امتداد وانعكاس لطبيعته وإكراهاته على المستوى المركزي /الوطني بحكم الأسس والمرتكزات التي ينبني عليها وبحكم التصور النقابي والمرجعيات الثقافية السائد ة وطنيا لدى قيادات نقابية شائخة أو معمرة طويلا في مجملها ، بالإضافة إلى مزلق ارتهان النقابي للسياسي .إذ الملموس من خلال الخطاب والممارسة النقابيين أن النقابي أصبح يؤدي وظيفة سياسية منضبطة بإيقاعات العمل السياسي الحزبي الذي يعرف الجميع حجم الأزمة التي يتخبط فيها خطابا وممارسة ،هذه القضايا وغيرها هي ما سنتناوله من خلال المحاور الآتية :
العمل النقابي السياق والمؤثرات

العمل النقابي عمل ميداني ،ونضج الممارسة النقابية لا يأتي بتنظيرات حالمة ،بقدر ما يحتاج إلى الممارسة الميدانية الواعية ، ومراكمة التجربة هو الذي يصنع الفعل النقابي الراشد المنضبط و الملتزم بأهداف نقابية واضحة ، ومبادئ أخلاقية تحكم الفعل وتوجهه ، كما أن أي ممارسة نقابية لاتنبني على مرجعية أخلاقية وبعد أنساني تنموي تخطيء حسب تقديرنا أكثر مما تصيب، وذلك لأنها تنظر إلى الأحداث بعين واحدة تحجب عنها الرؤية الشمولية للأمور، بحيث تعزل الفعل النقابي عما يحيط به من مؤثرات إنسانية واجتماعية،وأخلاقية وثقافية ....
الفعل النقابي إذن عمل غير معزول عن السياق الاجتماعي السياسي الاقتصادي التنموي بل في صلبه وجزء لا يتجزأ من منظومة المجتمع ككل، وعلى هذا الأساس ينبغي قبل أي عمل نقابي أن يتم استحضار هذه المنظومة بأبعادها المتعددة لتكون الضابط لإيقاعه والموجهة لمساره وعمله الميداني ،بحيث لا تكون الممارسة النقابية حالمة مجردة من ملابسات الواقع وتناقضاته دون أن تستحضرها أثناء الإقدام على أي فعل أو معركة نقابية ، ومن جهة أخرى ينبغي أن لا تكون المواقف النقابية مجرورة وراء مايريده لها الساسة الحزبيون ،فتصبح النقابة أداة طيعة لتحقيق مطامح الساسة لامطالب الشغيلة التي تمثلها ،فتصير معركة السياسيين وأجهزة الدولة تخوضها مؤسسة النقابة بالوكالة .وإذن فلا مصداقية .كما لايستقيم عقلاولامنطقا تحت مسمى الواقعية أن تكون النقابة مستسلمة لواقع اقتصادي اجتماعي سياسي بذريعة أنه أكبر من حجمها ، بل ينبغي أن تغالبه بشتى الوسائل الممكنة والمتاحة مع التحلي بروح الواقعية في الشعار والمطالب واستحضار ظروف المرحلة والتدرج في المطالب لكن لا تستسلم أو تبيع المواقف .
الفاعلية النقابية :الضوابط والمنزلقات

الفعل النقابي هو الممارسة الميدانية لتدبير الشأن العمالي بما يكفل للعامل حقوقه المادية والمعنوية أوبعبارة أخرى هو تدبير الخلاف الحاصل بين العامل ورب المعمل أو بين الشغيل والمشغل (الإدارة)بشكل عام ،بالوسائل والإمكانات (الآليات)التي يتيحها قانون البلد وتسمح بها بل وترعاها المواثيق الدولية بهذا الخصوص ،كالإضراب والاعتصام والحوار والمفاوضات الجماعية ...وغيرها ،وتقاس الفاعلية النقابية بمدى تأثير الفاعل النقابي على القرار الإداري و السياسي محليا ومركزيا اعتمادا على رؤية أو مشروع مجتمعي يؤطر ممارسته ويساهم في متانة بنائه ، وبناء على مايطرحه من ملفات وقضايا تهم الشغيلة وتلامس معاناتها .
أما فيما يخص درجة الفاعلية النقابية فيتحكم فيها ما يتحلى به الممارس النقابي من خبرة في إدارة الحوار ومسؤولية وجرأة في تناول وطرح القضايا الحقيقية للعمال ، إضافة إلى مرجعية أخلاقية تضبط سيره أن تعصف به رياح المصالح الشخصية وتؤسس ثوابته التي لا تقبل المساومة ،ووضوح في الممارسة والخطاب ، بالإضافة إلى شمولية في النظرة إلى الأبعاد المتعددة للعمل النقابي التي تلامس كل اهتمامات الشغيل المادية والمعنوية ،وهو الأمر الذي يكسب الفاعل النقابي مصداقية لدى قواعده وقوة جماهيرية هي أهم آليات الضغط الاجتماعي التي يتم الالتجاء إليها عند الضرورة للتأثير على صانع القرار الإداري بل حتى السياسي في أحايين كثيرة .
إن مراكمة التجربة الميدانية والتأطير النظري الهادف المستوعب لتناقضات الواقع وسنن الكون ، وأخلاقية الممارس النقابي هو الذي يصنع الفعل النقابي الراشد المنضبط و الملتزم بأهداف نقابية واضحة ،ومبادئ أخلاقية تحكم الفعل وتوجهه ،كما أن أي ممارسة نقابية لاتنبني على نظرة شمولية للأمور أو تتناول الإنسان في حيز واحد ضيق هو حيز المطالب المادية فقط تخطيء حسب تقديرنا أكثر مما تصيب بحيث تنظر للأمور بعين واحدة هي العين المادية ،فتكون نظرتها عوراء لأنها اختزلت الإنسان في بعده المادي لتجعل منه دودة أرضية تعيش لتأكل و وتأكل وتتصارع لتعيش وليس بعد الأكل وإشباع الغرائز المادية مطلب معنوي سام لدى الإنسان ، في الوقت الذي تجد فيه النقابة حتما أصنافا من الناس لهم أولويات غير الأولويات المادية: كالحرية و الكرامة والعزة ، وغيرها من المطالب والمعاني التي تتجاوز حدود ماهو مادي وتشكل أسسا ومنطلقات أساسية لكل عيش كريم وآدمية انسانية محترمة ، قال الله تعالى ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا )(1)* التكريم والكرامة إذن ينبغي أن يصبح أول مطلب إنساني وما يأتي بعده من مطالب الرزق والطيبات هو فرع عن الأصل ليكون للحياة معنى وإلا فهي حياة لكائن آخر غير الإنسان ،وعلى هذا الأساس فإن غياب شمولية النظرة في نقاباتنا يجرد الفعل النقابي مما يحيط به من مؤثرات وما يتبعه من لواحق وانعكاسات قد لاتدخل في الحسبان وهي من الأهمية بمكان .
الواقعية :استسلام أم مغالبة
مادام العمل النقابي فعل غير معزول عن السياق الاقتصادي السياسي، الاجتماعي، التنموي الحضاري، الموجود في الواقع فإنه لا مناص لأي عمل نقابي واع من استحضار هذه السياقات ذات الأبعاد المتعددة لتكون المساهم في نضجه والموجهة لممارسته حتى لاتسقط المواقف النقابية في المثالية الحالمة أوالمغامراتية غير المحسوبة النتائج، التي لا تستحضر شروط وإمكانات الواقع ،وحتى لاتكون مجرورة وراء ما يراد للساسة في حلبة الصراع السياسي ولعبة التوازنات والمصالح الفئوية الضيقة ،أو تكون مستسلمة تحت مسمى الواقعية النضالية تأتمر بأوامر الواقع السياسي والاقتصادي وتتأثر به دون أن تؤثر فيه .بحجة أنه أكبر من حجمها فتنتج خطابا ديماغوجيا استسلاميا انهزاميا يدغدغ العواطف ويزرع اليأس من كل تغيير ، بل على النقابة أن تغالب الواقع وشروطه بشتى الوسائل الممكنة ،مع التحلي بروح الواقعية في الشعار والمطالب، واستحضار ظروف المرحلة للعمل ببصيرة على تغيير شروط الواقع ،لا الاستسلام لها وبيع المواقف في آخر المطاف .
ضوابط الممارسة النقابية الراشدة
كل عمل منظم جاد يستهدف تغيير ما بالأمة من أزمات سواء في شقها السياسي أو النقابي يحتاج حسب اعتقادنا إلى ضوابط هي بمثابة لوحة القيادة أو بوصلة السير لصياغة مستقبل الأمة الذي لا يتعارض بل يتماشى مع ثوابتها وخصوصياتها الحضارية ذلك ما سنحاول تناوله من خلال المحاور التالية :
الاستقلالية :
ونقصد بها استقلالية النقابي عن الحزبي وعن الحسابات السياسية الضيقة ،إذ ليس كل ملف مطلبي مطروح اليوم على الساحة النقابية يهدف مصلحة الشغيلة بشكل مباشر، ومن الأخطاء التي يقع فيها الإطار النقابي عن قصد أو عن غير قصد طرحه لملفات لا علاقة لها بالعمل النقابي ،بحيث تقاد معارك "نقابية" في شكلها وآلياتها من أجل أهداف غير نقابية ، وهو مزلق ما فتئت تقع فيه الممارسة النقابية ببلدنا بسبب التبعية الحزبية لأغلب النقابات ،فان كان عن قصد فهو لا يكاد يخرج عن أحد هدفين غير معلنين :
-أولا:لحسابات سياسية بين الحزب والدولة في ملفات يجهلها أغلب المنتمين لهذه النقابات والأحزاب ،فيضطر الحزب إلى تحريك القوة النقابية للضغط وإحراج سلطة القرار السياسي بوضعها في مأزق المساومة ، ليتم من خلاله انصياعها لإعطاء" امتيازات " أو التنازل للحزب عن بعض ما يطلبه في إطار لعبة توازن المصالح وشد الحبل بين الدولة والأحزاب.
-ثانيا: لكون الفاعل النقابي يحمل رؤية سياسية أو حزبية لا يستطيع الترويج لها بشكل علني صريح لأنها لا تلقى مصداقية و قبولا لدى أغلبية الرأي العام فيضطر لركوب الموجة النقابية ويلتحف باللحاف النقابي لتصريف مواقف وخطابات سياسية ،وهنا يتم الحديث عن مدى انضباط النقابي لقانون ومبادئ الإطار النقابي وللأهداف النقابية الصرفة .وللإشارة فليس معنى هذا أن الممارس النقابي لا ينبغي أو لا يجوز له أن يكون مؤطرا برؤية ومرجعية سياسية أو بمشروع مجتمعي يحمل ويتبنى تصوره ، ولكن معناه هو أن لا تضيع حقوق الشغيلة ومطالبها ضمن حسابات سياسية بين الفاعل النقابي المرتهن لحسابات حزبية ضيقة بين الحزب والسلطة (الدولة) فيصبح كل صراع بين الحزب والدولة من أجل مصلحة الحزب أو الفئة السياسية تجد له صدى في ممارسة الفاعل النقابي المؤدلج حزبيا .
المسؤولية:
ليس كل ملف نقابي مطروح هو ملف جدي- مهما كان من حيث الشكل يبدو موضوعيا – يستهدف مصلحة الشغيلة بشكل مباشر مالم يكن المسؤولون عليه على درجة عالية من المسؤولية الأخلاقية والنضالية ،وتقاس درجة المسؤولية في تناول مطالب الشغيلة بجدية التعامل مع الملفات المطلبية النقابية ،وهو أمر مرتبط أساسا بطبيعة الملفات المطروحة للتداول والتجاذب بين الإدارة والنقابة ،بحيث قد تلجأ هذه الأخيرة إلى طرح ملف أكبر من حجمها وقدراتها والمسؤول النقابي يعلم يقينا أنه من الملفات الفاشلة بناء على ما توفر لديه من معطيات ميدانية واقعية وموضوعية لكنه يستمر في خوض "معركة نضالية" فاشلة محكومة بمنطق: ( الجنازة كبيرة والميت فأر ) لا بمنطق السؤولية التاريخية والأخلاقية ، وفي نظرنا غالبا ماتكون الخلفية المؤسسة لطبيعة هذه الملفات وهذه المعارك الهامشية غير الجادة ثلاثة أمور :
-أولا: لقضاء مآرب شخصية "للزعيم النقابي " في إطار لعبة المصالح وشد الحبل أو( وضع العصى في العجلة) لتحقيق امتيازات يراها ممكنة إن حرك لها العضلات النقابية .
-ثانيا: لحسابات فئوية ضيقة بين الإطار النقابي والسلطة المحاورة كاستثناء بعض المركزيات النقابية من "التوافقات السرية " لكوطا الحوار الاجتماعي مثلا أو عدم التعامل مع مطالبها الجزئية بنفس الجدية التي يتعامل بها مع النقابات الأخرى فتلجأ النقابة إلى التأثير على مجريات الحوار باستعمال القوة الجماهيرية لمنخر طيها ليس بهدف الدفاع عن مصالح الشغيلة بقدر ما هي وسيلة لتحقيق بعض المطالب الخاصة بها كنقابة أصبحت خارج ( الإجماع) فتم إقصاؤها من طاولة الحوار الاجتماعي أو تعومل معها بخلاف ما كانت ترغب فيه هي .
-ثالثا: البحث عن مصداقية مفقودة: في حالة ضعف القاعدة الجماهيرية لدى نقابة من النقابات بفعل تراجع نسبة منخرطيها أو حداثة نشأتها مقارنة مع النقابات الأخرى تحتاج النقابة حينها إلى ملفات توهم بمقتضاها منخرطيها والشغيلة عموما بأنها النقابة الأكثر مسؤولية في طرح قضاياهم وهمومهم فتخرج عن( الإجماع) لتكون استثناء بمنطق قاعدة خالف تعرف .
وللإشارة فقد يكون في بعض الحالات خروج نقابة عن إجماع مزعوم للمركزيات النقابية حول أمر معين موقفا صائبا ينم عن مسؤولية عالية خاصة عندما ترضخ النقابات وتستسلم لضغوطات الدولة فتتنازل عن قضايا الشغيلة ويتماهى خطابها مع خطاب الدولة من خلال التماس الأعذارالواهية لها ،ولعل أبرز موقف يجسد هذه الحالة هو جلسة الحوار للنقابات المركزية مع الوزير الأول إدريس جطو سنة 2000 ومطالبة النقابات بجعل المرحلة مرحلة سلم اجتماعي ، دون تحديد لا لمفهوم السلم الاجتماعي ولا لشروطه من معالجة أو على الأقل تخفيف للمشاكل الاجتماعية التي تعانيها الشغيلة، والطبقات الفقيرة للشعب لأنه لا يعقل استمرار سلم اجتماعي بدون "ثمن " تقدمه الدولة وإلا فهو تنازل عن معانات الشغيلة والشعب عموما مجانا في مقابل عبارات مبهمة وهو مؤشر آخر يوضح بشكل جلي ضعف وتبعية المفاوض النقابي بالمغرب لما تمليه الدولة من تعليمات .
الوضوح:
مبدأ الوضوح من أهم المبادئ التي تعطي الإطار النقابي مصداقية كبرى لدى القواعد النقابية وشريحة العمال والمنخرطين ، ونعني بالوضوح وضوح الفعل النضالي النقابي خطابا وممارسة، أوما نصطلح عليه بوضوح الخطاب والمواقف ، ووضوح المطالب المراد تحقيقها ، وطبيعة المعارك النضالية وحجمها .
-أولا: وضوح الخطاب : ان عدم وضوح الخطاب هو إحدى مطبات و تجليات أزمة العمل النقابي بالمغرب بحيث يتميز الخطاب النقابي الحالي بكونه خطابا مناورا مراوغا للقواعد من حيث طبيعة المطالب والأهداف وطبيعة المعارك النضالية وثمنها ، ولعل المتتبع للحركة النقابية بالمغرب يلاحظ بكل وضوح التناقض الصارخ بين الخطاب والممارسة النقابيين ،إذ على مستوى الخطاب يكاد المتتبع للشأن النقابي ومن خلال تصريحات بعض الزعماء النقابيين أن يجزم بأن هناك قوة نقابية اقتراحية لها وزنها وتساهم في صناعة القرار الوطني بشكل فعال ، بل إن خطابات الزعماء النقابيين وخرجاتهم الإعلامية بعد كل جولة حوار اجتماعي يعطي انطباعا أوليا بأن مشاكل الشغيلة والشعب المغربي قد حلت في معظمها ، لكن على مستوى الواقع نجد عكس ذلك بحيث تزداد معاناة العمال بعد كل جولة حوار ، ويتفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلد ولسان حال ومقال الزعيم النقابي لا يتجاوز لغة "كولو العام زين ".
-ثانيا:وضوح الممارسة :
ان أغلب" المعارك" النقابية اليوم هي معارك مفروضة على المركزيات النقابية ،إنها ليست معارك ضمن أجندتها النقابية ولا ضمن حساباتها واستراتيجياتها خذ على سبيل المثال تعامل النقابات مع قرار وزارة التربية الوطنية باجتياز امتحانات شهادة الكفاءة التربوية سنة 2004(2)* إذ في الوقت الذي تشجع فيه بعض المركزيات النقابية إضراب فروعها بمختلف المدن للمطالبة بإلغاء القرار ،تصادق هي في نفس الوقت في جلسات الحوار الاجتماعي على تنفيذ القرار، وفي المقابل تبني عدة نقابات لهذا الملف بشكل غامض على مستوى المركز والفروع . إن هذا الغموض بين التبني واللاتبني للمطالب، والخطاب المزدوج المتمثل في إظهار الاهتمام للشغيلة بمطالبها وفي المقابل الوقوف ضدها في جلسات الحوار الاجتماعي يدخل العمل النقابي في سراديب مظلمة ويطعن في جديته ومصداقيته .إن المشكل الأساس في تجاهل نقاباتنا لقضايا كبرى للعمال والتخلي عن آليات وازنة لتحقيقها كالإضرابات العامة (3)* وغيرها يدخل حسب تقديرنا في إطار التوظيف الأمني للعمل النقابي ،إذ أصبحنا نلمس بشكل مباشر سقوط النقابات في المقاربة الأمنية وتوظيفها لخدمة هذه المقاربة لتتحول من دور المحرك للغضب الجماهيري المكبوت على الظلم والتهميش و(الحكرة) والإقصاء الاجتماعي، وتوجيهه بما يكفل تحسين الوضعية الاجتماعية للبلد ،إلى دور المسكن المفرمل لهذا الغضب بما لايزعج المسؤولين بالبلد عبر معارك قطاعية جزئية معروفة النتائج ومحدودة الحجم و التأثير في أحسن الأحوال.
-ثالثا :ضعف التأطير:
من عدم الوضوح أيضا تخلي النقابة عن مسؤوليتها في التأطير النقابي الهادف لمسؤوليها ومنخرطيها وللشغيلة عموما لتوعيتها بحقوقها المشروعة وأساليب الدفاع عنها - رغم ما يتم رصده من أموال لفائدة النقابات لهذا الغرض- وإذا كانت الوظيفة الأساسية التي تضطلع بها النقابات والأحزاب دستوريا هي تأطير المواطنين فإن لكل متتبع أن يلتمس لنفسه مشروعية طرح السؤال :لأية غاية ولمصلحة من يراد للمواطنين وللعمال خصوصا أن يبقوا في دار غفلون .ويتم التخلي عن تأطيرهم نقابيا وسياسيا ، فإذا كان أحد أهم المؤشرات على قوة النقابة هو مدى ارتفاع الوعي النقابي في صفوف منخرطيها فلماذا تتخلى نقاباتنا عن هذه المسؤولية إلا إن كانت تريد أن تبقى ضعيفة في مقابل قوة الأطراف الأخرى للحوار الاجتماعي(الباطرونا والدولة ) عبر امتلاك المعلومة واحتكارها إضافة إلى مواطن القوة الأخرى التي تستعملها في التفاوض.
إننا نكاد نجزم من خلال متابعتنا للشأن النقابي أن من أسباب عدم الوضوح في المشهد النقابي المغربي ما يلي :
1- تقاطع مصالح بعض المشرفين على المركزيات النقابية مع المخزن وبالتالي فارتفاع الوعي النقابي في صفوفها سيشكل عائقا مستقبليا للمصالح الشخصية وسيكون له طبعا تأثير على هذه العلاقة الميكيافلية.
2- احتكار المناصب القيادية للنقابات من قبل زعماء ظلوا في كراسي المسؤولية لردح من الزمن مظهر من مظاهر غياب الديمقراطية الداخلية وبالتالي يراد للوعي النقابي أن لايرتفع حتى تسلم القيادات ومن يدور في فلكها من المنافسة على قيادة الإطار النقابي بمنطق من وما تراه القواعد ،لا بمنطق التعليمات الفوقية والحفاظ على مصالح الزعماء .
3- مناخ الاستبداد الذي يعيشه البلد أصبح ثقافة عامة سارية في مؤسسات المجتمع لم تسلم منه حتى الإطارات النقابية و لطول ماعانت الأمة من ممارسات الاستبداد ونشر ثقافته أصبح يصعب أن تسلم مؤسسة سياسية أو اجتماعية في بلدنا من ممارساته خاصة وأن أحزابنا ونقاباتنا مخترقة أمنيا حتى النخاع ،ولطول ماعانت من اختراق المخزن تحول أغلبها إلى مؤسسات مخزنية بامتياز ترعى مصالح المخزن لا مصالح وحقوق الشعب و العمال .

مراجعات

إن الممارسة النقابية في بلدنا تحتاج إلى ندوات ومناظرات وطنية لتقييم الأداء وإحداث مراجعات عديدة ،وفي اعتقادنا ينبغي أن تطال هذه المراجعات جزءا كبيرا من عملنا النقابي بالمغرب بدءا ب :
- مراجعة المرجعيات الثقافية والفكرية :يتحكم في الممارسة النقابية اليوم في المغرب كما في غيره مدرستين فكريتين مستوردتين غريبتين عن ثقافة الأمة ومقوماتها هما المدرسة الثورية التي تمتح من المرجعية الماركسية فكرا وممارسة، وطبعا لن تسلم هذه الممارسة من حاجة إلى التقويم والتعديل لأنها استنبتت في أرض غير أرضها ، والمدرسة الليبرالية المتأثرة سلوكا وممارسة وأهدافا بالفكر الليبرالي وتأثيرات الرأسمالية وعلى هذا الأساس لابد من وقفة تقييمية لمدى تلبية هاتين المدرستين لحاجات الإنسان المغربي المادية والمعنوية ومدى تماشيهما مع ثوابت وقناعات وهموم وانتظارات الشعب المغربي المسلم اعتقادا وثقافة وسلوكا .والتفكير في التأصيل لممارسة نقابية نابعة من أصالة الشعب ومرجعيته الأخلاقية وقناعاته ومغطية لمجالات اهتماماته المادية وتهمماته المعنوية دون إغفال طبعا ما يمكن أن يوجد من حكمة في كل فكر بشري إذ الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها .
- مراجعة آليات الضغط المستعملة : إذا كان استعمال العديد من الأشكال النضالية المشروعة لم يؤدي إلى تحقيق انتظارات الشغيلة والشعب المغربي عموما ولم يساهم في تغييروضعه إلى الأفضل فإنه بات لازما أن نعيد النظر في العديد من أساليب عملنا النقابي وأن نبحث عن آليات وازنة للضغط من أجل تحقيق المطالب والحقوق العادلة للشغيلة خاصة في ظل احتكار ثروات البلاد من قبل فئة وعائلات محدودة وارتفاع الأسعار وجمود الاجورو تبذير ثروات البلاد فيما لايخدم مصلحة البلاد ولا العباد .
- مراجعة مفاهيم ولغة الحوار الاجتماعي : تثار العديد من "الثوابت المخزنية " أمام كل جولة حوار بين المركزيات النقابية وأطراف الحوار الاجتماعي ، من قبيل: المساهمة في الأمن العام للبلد ،و الحفاظ على السلم الاجتماعي ،والظرفية الحساسة التي يمر منها البلد . كلها مفاهيم ينبغي على المفاوض النقابي أن يدقق فيها لا أن يستهلكها استهلاكا أعمى يسمم الفكر و يشل الإرادات ،دون أن يعطي بديلا لها يتماشى و انتزاع الحد الأدنى للحقوق و المكتسبات التي تشكل خطا أحمر ليس بعد الإجهاز عليه حوار ولا مفاوضات، ففي الوقت الذي يتحدث فيه عن أمن البلد لانسمع حديثا عن الأمن الغذائي للطبقات الكادحة وجيوش العمال و المحرومين، وفي الوقت الذي يتحدث فيه عن السلم الاجتماعي لا نسمع حديثا عن حقيقة ومقتضيات أي سلم اجتماعي ومعناه في أي بلد وعلى رأسها تحسين الوضعية المادية و الاجتماعية للطبقات الشعبية المحرومة.وفي الوقت الذي يتحدث فيه عن الظرفية الحساسة التي يمر منها البلد لايتم الحديث عن الوضعية الاجتماعية الكارثية لأغلب طبقات الشعب التي لن يستقيم معها أي أمن ولا سلم ولا ظرفية سليمة للبلد.
- مراجعة أسباب وانعكاسات التشرذم والشتات النقابي: هل أسباب هذا التشرذم النقابي موضوعية ، هل تعدد النقابات تعدد افعال وبرامج ،هل هو تعدد نوعي أم هو مجرد تعدد تنظيمي، إن الواقع يشي بأن تعدد نقاباتنا لايشكل تعدد برامج وانجازات ولا تعدد خطط و استراتيجيات ، بل هو مجرد تعدد هياكل وعناوين تنظيمية ، بحيث لو أزلنا اليافطات والعناوين وقرأنا تقارير الأداء النقابي لوجدناه يكاد يكون متشابها حتى في الجزئيات .
في الساحة النقابية اليوم أزيد من عشر نقابات مهنية تتنازع طبقة شغيلة قليلة منخرطة في العمل النقابي وجيوش من العمال غير مبالية بأي عمل نقابي بسبب رؤيتها لمارسات النقابيين وعدم جديتهم في تبني قضاياها الخيط الرابط بين هذه النقابات هو الصراع المجاني الذي تضيع بموجبه حقوق العمال ويشكل عقبة في أغلب الأحيان أمام تحقيق بعض المطالب البسيطة لهم .
إن كل نقابة منفردة مهما أوتيت من قوة التنظيم والحنكة السياسية والدراية الدقيقة للوضع بالبلد لن تستطيع أن تحقق المطلوب للعمال ولطبقات الشعب ،ولهذا ينبغي أن تصبح الوحدة النقابية هدفا استراتيجيا في برامج وسلوك كل النقابات إن أردنا فعلا الخروج من المأزق الحالي ، ولايجوزهنا أن نتحدث عن وحدة تنظيمية للجسم النقابي لان هذا مستحيلا خاصة في ظل تبعية وارتهان أغلب النقابات لأحزاب سياسية بالبلد لها حساباتها وأولوياتها المختلفة بل المتعارضة ، ولكن نقصد بالوحدة الممكنة حسب رأينا وحدة النضال ووحدة المطالب والأهداف، وحدة يحتفظ فيها كل إطار نقابي بتنوعه واستقلاليته التنظيمية، ولن يتأتى هذا إلا إن حققنا استقلالية في عملنا النقابي عن التوجيه الحزبي المباشر لأن مصالح الحزب وحساباته غير مصالح وحسابات النقابة.
- مراجعة الأولويات والاستراتيجيات : هل لنقاباتنا استراتيجيات واضحة في أهدافها وإمكاناتها ، هل حددت نقاباتنا أولوياتها المرحلية ، طبعا من المفروض أن يكون هذا تحصيل حاصل لكن الرتابة التي يعرفها الأداء النقابي بالمغرب إجمالا يبين أن لاجديد خلال السنوات القليلة الماضية على الأقل، إذ الملاحظ هو التكرار في الأساليب والخطاب والأهداف والممارسات، وهو مؤشر يوحي بغياب التجديد عموما وبأن نقاباتنا لاتصنع الحدث وإنما تتفاعل مع مايصنعه المخزن من أحداث فتناقش المبادرات المخزنية لاحتواء وتدجين الفاعل النقابي وتحجيمه وتقزيم دوره ، بمنطق التبرير والترويج لها لا بمنطق محاربتها والتصدي لها ،لاتبادر مبادرات تحافظ على مصداقيتها أمام منخرطيها على الأقل ، ولا تصنع حدثا ضاغطا لانتزاع الحقوق أو تغيير موازين القوى مرحليا لصالحها ، ولهذا يبقى اللاعب الوحيد الأوحد في الساحة هو المخزن له الاقتصاد وله الثروات وله السياسة و الرياضة و الحكم وله القضاء وله الأحزاب والجمعيات... ،ولايبقى فاعلا إلا هو ذو القوة والمكر والبطش والجبروت ، وصدق فيه من قال: سوء الظن بالمخزن من الإيمان .

هوامش:
(1)* سورة الإسراء الآية 70
(2)* مرسوم وزارة التربية الوطنية سنة 2003 و القرار الوزاري رقم 05 .81. بتاريخ 20/10/2004 في شأن إحداث مباريات شهادة الكفاءة التربوية.
(3)* كلمة الأمين العام لحزب الاستقلال إدريس الفاسي وكلمة الكاتب الوطني عبد الحميد شباط في افتتاح المؤتمر الوطني التاسع والثلاثين للاتحاد العام للشغالين بالمغرب بالرباط اللتان ركزتا على ضرورة وضع إجراءات قانونية للتضييق على حق الإضراب .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفاعل النقابي بين المسؤولية والالتزام الأخلاقي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى موظفي العدل :: المنتدى الاجتماعي :: منتدى التواصل الاجتماعي-
انتقل الى: