تنفيذا لمضامين الخطابات الملكية المتعاقبة والداعية إلى الإصلاح العميق والشامل للقضاء، عميق في مضامينه وشامل لجميع مكوناته ، وذلك بغية إرجاع المكانة التي كان يشغلها القضاء عبر التاريخ والتي لا تخفى على احد إلى الواجهة بعد أن طالتها عوامل الزمن ،وذلك بما يضمن الفعالية والنجاعة عن طريق تحديث هياكله وتأهيل موارده البشرية معرفيا ،اجتماعيا وماديا حتى يرقى إلى خدمة الوطن أسمى وظيفة يبغي تحصيلها.
و تفعيلا لمبدأ المشاورة المبنية على ركائز جادة، وكوسيلة لإرساء أسس لتفاوض قطاعي جاد وسؤول، فانه تقرر بعد سلسلة من ممارسات مشروعة وقانونية اتفاق بين الجهات المعنية داخل قطاع العدل بضرورة إصلاح القضاء سطرت بنوده بتاريخ 23/02/2011 على أساس مباشرة الإصلاح من جهة ،ومن جهة أخرى خلق جو من الاستقرار لتوقيع هذا الإصلاح بوقف كل أشكال الاحتجاج وهذا ما تم الاتفاق عليه من طرف الجميع ، إلا أن النقابة الديمقراطية للعدل ارتأت إلى فك عقدة الاتفاق تلك بدعوى عدم التزام الحكومة بمضامينه ولعله من وجهة نظري والتي لا أتقاسمها إلا مع من كان على شاكلتي وهي غير ملزمة لمن دون ذلك ،قد جانبت الصواب آنيا فيما ذهبت إليه ، فيما قررت الجامعة الوطنية لقطاع العدل متابعة تنفيذ بنود الاتفاق الذي توج بإسقاط تجربة 2008 وبتكريس مبدأ الالتزام كتابة، والذي لم نشهد له مثيل من قبل.
وتبيانا للأمر لا بد من ذكر بنود الاتفاق وما تم انجازه منها ، وما لم يتم، وعلى ضوء ذلك يتبين مدى صواب التنصل من الاتفاق من عدمه:
[size=24]أولا:تتبع الإجراءات القانونية المرتبطة بمشروع تعديل المادة الرابعة من النظام الأساسي للوظيفة العمومية في مساره التشريعي بعد مصادقة المجلس الحكومي عليه بتاريخ 15/02/2011.
تنص المادة الرابعة المذكورة أعلاه على انه يطبق النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية على سائر الموظفين بالإدارات المركزية للدولة وبالمصالح الخارجية الملحقة بها .إلا انه لا يطبق على رجال القضاء والعسكريين التابعين للقوات المسلحة الملكية، ولا على هيئة المتصرفين بوزارة الداخلية .وفيما يخص أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي ورجال التعليم والهيئات المكلفة بالتفتيش العام للمالية وأعوان الشرطة وإدارة السجون ورجال المطافئ وأعوان المصلحة العامة بإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والمفتشين والمراقبين وحراس البحرية التجارية وضبط الموانئ وموظفي المنارات وموظفي المياه والغابات ،فان قوانين أساسية خصوصية يمكنها أن تأتي بمخالفات لبعض مقتضيات هذا النظام الأساسي التي لا تتفق والتزامات تلك الهيات أو المصالح.
وافق المجلس الوزاري المنعقد يومه 1-4-2011 على تعديل قانون الوظيفة العمومية بما يفتح باب إقرار نظام أساسي محفز ومحصن يقر خصوصية كتابة الضبط وذلك بالمصادقة الملكية على تعديل المادة الرابعة من النظام الأساسي للوظيفة العمومية عبر إقرار المرسوم 4-11 المصادق عليه بالمجلس الحكومي ليوم 15 فبراير والذي كان موضوع الاتفاق المبرم وتعتبر هذه المصادقة فاتحة لمصادقة البرلمان على هذا النص خلال الدخول البرلماني الربيعي الذي ستفتتح يوم 8-4-2011.
ثانيا: تعديل المادة الأولى من مرسوم 403 المنظم لترقية موظفي الدولة في الدرجة والإطار بما يستثني موظفي العدل من مقتضياته.
يحدد هذا المرسوم شروط الترقي في الدرجة أو الإطار بالنسبة لموظفي الدولة ، باستثناء الموظفين الخاضعين للأنظمة الأساسية الخاصة بهيئة الأساتذة الباحثين بالتعليم العالي وبهيئة الأساتذة الباحثين بمؤسسات تكوين الأطر العليا وبهيئة الأساتذة الباحثين في الطب والصيدلة وطب الأسنان وبهيئة الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان المشتركة بين الوزارات وبهيئة الأطباء البياطرة المشتركة بين الوزارات وبهيئة المهندسين والمهندسين المعماريين المشتركة بين الوزارات وبالمفتشية العامة للمالية وبالمفتشية العامة للإدارة الترابية وبموظفي المديرية العامة للأمن الوطني وأطر كتاب الشؤون الخارجية ومستشاري الشؤون الخارجية والوزراء المفوضين التابعين للنظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون وبالهيئة الوطنية للوقاية المدنية وبهيئة المستشارين القانونيين للإدارات (2).
وقد صادق مجلس الحكومة، على مشروع مرسوم رقم 174-11-2 يتعلق بتغيير وتتميم المرسوم رقم 403-04-2، الصادر في 2 دجنبر 2005 والمتعلق بتحديد شروط ترقي موظفي الدولة في الدرجة أو الإطار يهدف إلى استثناء موظفي هيئة كتابة الضبط من نطاق تطبيق مقتضياته بتحديد شروط ترقي موظفي الدولة في الدرجة أو الإطار، وذلك انسجاما مع مقتضيات مشروع القانون رقم 11 ` 04 بتغيير وتتميم الفصل 4 من الظهير الشريف رقم 008 `58 `1 الصادر في 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية..
ثالثا: نشر المرسوم رقم: 2.10.500 مع صرف المبالغ المستحقة عن سنة 2010.
تم بالفعل نشر المرسوم أعلاه في الجريدة الرسمية عدد 5918 بتاريخ 17 فبراير 2011 مما يفتح الباب أمام موظفي العدل للحصول على تعويضات ولا أقول عنها إعانات، يمكن في كل الأحوال أن تساهم في رد بعض الاعتبار إلى هذه الفئة كما انه تم صرف المبالغ المستحقة عن سنة 2010.
رابعا:مباشرة إجراءات صرف تعويضات الحساب الخاص المستحقة خلال الستة أشهر الأولى من سنة 2011 في بداية شهر يوليوز من نفس السنة مع البحث عن أفضل السبل لتمكين الموظفين من تعويضاتهم في آجال سريعة وقارة.
بالنسبة لهذه النقطة فانه يجب اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة لضمان صرفها خلال شهر يوليوز وهذا بالفعل ما أكدته المركزيات النقابية ولا مجال للحكم على هذا البند من الالتزام في هذه اللحظة، ويترك الأمر إلى حينه للنظر في الإجراء الواجب اتخاذه في حالة الإخلال به.
خامسا : الالتزام بصرف مبالغ موضوع مرسوم الحساب الخاص رقم: 2.10.500 مع الحفاظ على مكتسب الإعفاء الضريبي.
يقال فيها ما قيل في سابقتها، مع التأكيد على أن العقد شريعة المتعاقدين.
سادسا: تعليق لكافة الإضرابات وكل أشكال الاحتجاجية إلى ما بعد ابريل من السنة الجارية.
ثم الالتزام بهذه النقطة من قبل النقابات إلى تاريخ 05/04/2011 حيث ثم التنصل من مضمونها من طرف النقابة الديمقراطية للعدل للعلة التي فصلت مضامينها بالبلاغ المنبثق عن اجتماع يوم الخميس 31/03/20011 .
سابعا: مباشرة التفاوض مع المصالح الحكومية المعنية على أساس مشروع النظام الأساسي لهيئة كتابة الضبط مع أخد مشروع تعديل الفصل الرابع والمادة الأولى من مرسوم 403 لمسارهما التشريعي والتنظيمي على أن تقدم النتائج النهائية عند متم ابريل 2011.
بالنسبة لهذا البند من الاتفاق وهو بحق عموده الفقري، فمشروع النظام الأساسي لهيئة كتابة الضبط المحفز والمحصن هو مبتغى كل موظف ، وقد تلقت الجامعة الوطنية دعوة للشروع في المحادثات بخصوص القانون الأساسي، وبحضور الأطراف الحكومية المعنية وهذا ما تم إعلانه في موقعها ، في حين لا علم لي فيما يخص أحوال النقابات الأخرى بهذا الشأن.
بعد قراءة لهذه الانجازات وفق بنود الاتفاق المعلن ، فانه لا بد لكل موظف أن يعترف بحسن نية الجهات المعنية وبكون العلل التي تم من اجلها فك الاتفاق غير مؤسسة لعدم وجود منازعة جدية وان كان الأمر يتعلق في كثير من الأحيان بعدم احترام للجدولة الذي لا ينهض حجة قوية للقول بحل الاتفاق من أساسه، وإلا فتح باب المتاهات والمغامرات من جديد، مع القول بتحمل الوزارة قسطا من المسؤولية لعدم قدرتها على الالتزام بالمواعيد المتفق عليها .
كان من الواجب على ممثلي الموظفين عوض ان يتحللوا من مضمون الاتفاق ،أن يناقشوا ومن ورائهم الموظفين أنفسهم مضامين القانون الأساسي المتفق عليه الذي لا يحمل في طياته أي معنى يفيد التحصين ،هذا الركن الذي تفتقده مجموعة من القوانين الأساسية المعمول بها ،والذي تسعى فئة جاهدة إلى إقراره، وتمتيع الموظف من ورائه بالكرامة،هذا القانون الذي يعتبر لازما للموظف في جميع مراحل حياته الوظيفية يجب أن يتصف بالتحصين وبالتحفيز،حتى لا يتكرر خطا 2008 ، تحت دريعة الاكثر تمثيلية والمتفق عليه ،ويصبح العض على الأنامل بعد ذلك غير ذي جدوى.
نعيم هلالي[/size]