المعــــاينـــــة
المعاينة هي الانتقال الى عين المكان الذي وقعت فيه الجريمة لمشاهدة مسرحها وجمع الادلة قبل اندثارها والتاكد من اركانها وعناصرها، ولم يتعرض المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية للمعاينة في مرحلة التحقيق النهائي أي في مرحلة الحكم شانه في ذلك شان قوانين الاجراءات الجنائية العربية كالمصري والسوري والعراقي والليبي التي اقتصرت على تنظيم المعاينة في مرحلة التحقيق الإعدادي –الشرطة والنيابة العامة والتحقيق
- تاركا للمحكمة الحق في الانتقال الى مكان الجريمة، اذا لم تتمكن من تكوين قناعتها ايجابا او سلبا من المعاينة التي قامت الشرطة القضائية بها او النيابة العامة او قاضي التحقيق وهذا الحق لم ينص عليه المشرع بكيفية صريحة وانما يؤخذ من المبدا العام الذي يفرض ان كل اجراء يعتبر جائزا الى ان يمنعه القانون. واعتمادا على الفصل288 من قانون المسطرة الجنائية الذي ينص انه (يمكن اثبات الجرائم باية وسيلة من وسائل الاثبات ما عدا الاحوال التي يقضي القانون فيها بخلاف ذلك) والفصل 464 من نفس القانون الذي يتحدث عن سلطة رئيس محكمة الجنايات اذ نص على انه " يخول الرئيس سلطة تقديرية يمكنه بمقتضاها وتحت تاثير شرفه وضميره من اتخاذ جميع المقررات والامر بجميع التدابير التي يراها مفيدة للكشف عن الحقيقة ما لم يكن قد منعها القانون". من هذين النصين يتبين ان للمحكمة ان تتخذ من الاجراءات ما تراه كفيلا بإيصالها الى الحقيقة ولكن على المحكمة سواء كانت متركبة من قاض منفرد او من قضاة متعددين. اذا ما قررت الانتقال الى عين المكان ان تتقيد بالنصوص الواردة في المسطرة المدنية (11) المتعلقة بتنظيم المعاينة باعتبار المسطرة المدنية مرجعا لما لم ينص عليه قانون المسطرة الجنائية وبالرجوع الى احكام المعاينة في المسطرة المدنية الصادر بتاريخ 28 شتنبر1974 تجد الفصل 67 منه ينص على انه " اذا امر القاضي تلقائيا آو بناء على طلب الافراغ بالوقوف على عين المكان فانه يحدد في حكمه اليوم والساعة التي يتم فيها حضور الاطراف الذين يقع استدعاؤهم بصفة قانونية، فاذا كان الاطراف حاضرين وقت النطق بالحكم أمكن للقاضي ان يقرر حالا الانتقال الى عين المكان".
" يمكن ان يؤخر او يستانف الوقوف على عين المكان اذا لم يستطع ان يحضر احد الاطراف في اليوم المحدد بسبب اعتبر وجيها".
وينص الفصل 68 من نفس القانون على انه " اذا كان موضوع الانتقال يتطلب معلومات لا يتوفر عليها القاضي امر في نفس الحكم بتعيين خبير لمصاحبته اثناء المعاينة او ابداء رايه".
وينص الفصل 69 من نفس القانون على انه ( يجوز للقاضي علاوة على ذلك ان يستمع اثناء الانتقال الى الاشخاص الذين يعينهم وان يقوم بمحضرهم بالعمليات التي يراها مفيدة) كما ينص الفصل 70 من نفس القانون على انه " يتعين على القاضي ان يحرر محضر الانتقال ويوقع من طرف القاضي وكاتب الضبط ويودع رهن اشارة الاطراف بكتابة الضبط " ويطبق الفصل 336 من نفس القانون وهو المنظم للمعاينة امام محكمة الاستئناف والذي ينص على انه ( يمكن للمستشار المقرر ان يقرر الانتقال الى عين المكان كما يمكن للمحكمة مجتمعة ان تقوم بجميع الاجراءات المذكورة في الفصل 67 الى 70 اعلاه).
من هذه النصوص تتبين المسطرة التي يجب على القاضي الجنائي اتباعها عند انتقاله لمعاينة ما، فله ان ينتقل من تلقاء نفسه متى راى ذلك ضروريا ومفيدا في الوصول الى الحقيقة، وله ان ينتقل بناء على طلب احد الاطراف، النيابة العامة والمتهم او المطالب بالحق المدني، وفي كلتا الحالتين يتعين عليه ان يخبر الاطراف اذا ما قرر الانتقال بتاريخه وساعته وان يصحب معه كاتب الضبط، وله ان يستعين بخبير اذا كانت المعاينة تحتاج الى خبرة فنية كتحليل الدم الموجود في مكان الجريمة او معرفة الطلقة النارية ونوع الاسلحة المستعملة او مهندسا مساحا لمعرفة هل نصب الحدود أزيلت من مكانها ام لا، وله ان يستمع آلي الشهود الذين يجدهم في مكان الحادثة وان ياخذ صورا فوتوغرافية فيه او يهيئ تصميما للمكان ويقوم بجميع الاعمال التي تكشف الحقيقة، هذا اذا كان القضاء فرديا، اما اذا كان جماعيا فللهيئة ان تقرر الانتقال بجميع اعضائها بعد اخبارها جميع الاطراف بتاريخ ومكان وساعة المعاينة، ولها ان تقرر ايفاد مستشار مقرر للقيام بنفس المهم بعد اشعاره جميع الاطراف وبعض القيام بالمعاينة يتعين تحرير محضر بالوقوف على عين المكان يكون موقعا عليه من طرف الهيئة التي حضرت وكاتب الضبط او من طرف المستشار المقرر المنتدب وكاتب الضبط مع الاشارة الى حضور ممثل النيابة العامة والاشارة الى الملاحظات والاستنتاجات التي قدمها الأطراف ووضع هذا المحضر في كتابة الضبط لمناقشته في الجلسة العمومية، وهنا يجب التمييز بين المعلومات التي يتوصل اليها القاضي عن طريق المعانية ومعلوماته الشخصية، وذلك ان القاضي ممنوع من الحكم بمعلوماته الشخصية وهي المعلومات التي استقاها بوسائله الخاصة خارج ساحة القضاء لان هذه المعلومات لا يمكن ان تناقش في الجلسة من طرف الخصوم، بينما المعلومات التي استقاها القاضي من المعاينة تؤخذ أولا بمحضر الاطراف وبابداء ملاحظاتهم ومستنتجاتهم، وثانيا تسجل في محضر وتعرض على المناقشة في الجلسة العلنية