مفهوم الأكثر تمثيلا في ضل القانون
إن مفهوم النقابة الأكثر تمثيلا يتكرر تداوله كلما تعلق الأمر بتفاوض او حوار والملاحظ ان ظهير 16 يوليوز 1957 لم يتضمن أي إشارة لمفهوم النقابة الأكثر تمثيلا،وحتى مفهوم النقابة لم يتطرق إليه بشكل واضح غير انه اكتفى بتحديد وظائفها محاولة منه لتمييزها عن الجمعيات والأحزاب حيث ينص هذا الظهير في الفصل الأول على: (إن القصد الوحيد من النقابات المهنية هو الدرس و الدفاع عن المصالح الاقتصادية و الصناعية و التجارية و الفلاحية الخاصة بالمنخرطين فيها.)
ونظرا للتطور الذي عرفته النقابات نتيجة ظروف تاريخية، وسعت مدونة الشغل النطاق الوظيفي للنقابة وجاء في الفصل 396( تهدف النقابات المهنية، بالإضافة إلى ما تنص عليه مقتضيات الفصل الثالث من الدستور، إلى الدفاع عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والمهنية، الفردية منها والجماعية، للفئات التي تؤطرها، وإلى دراسة وتنمية هذه المصالح وتطوير المستوى الثقافي للمنخرطين بها. كما تساهم في التحضير للسياسة الوطنية في الميدانين الاقتصادي والاجتماعي. وتستشار في جميع الخلافات، والقضايا التي لها ارتباط بمجال تخصصها.)
إن عدم تحديد مفهوم الأكثر تمثيلية أثار نقاشا واسعا بين الفر قاء وأصبحت الصفة تشمل كل النقابات في آن واحد ولرفع اللبس جاءت مدونة الشغل في الفصل 425 الذي ينص على:
( لتحديد المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني، يتعين الأخذ بعين الاعتبار ما يلي :
- الحصول على 6% على الأقل من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين في القطاعين العمومي والخاص؛
- الاستقلال الفعلي للنقابة؛
- القدرة التعاقدية للنقابة.)
وسطرت معايير لتحديد معنى الأكثر تمثيلا، غير أن هذه المعايير وخصوصا معيار الاستقلال الفعلي للنقابة الذي لا يستند على مؤشرات ملموسة ومضبوطة، بموجبها يمكن القول إن هذه النقابة مستقلة أم لا، ومبدأ الاستقلالية يقصد منه الاستقلال التنظيمي عن الحزب ولا يقصد منه الحياد السياسي كما يعتقد البعض،وهذا يعطي الحق لكل مناضل في الانخراط الحزبي والدفاع عن تصوراته الحزبية باعتباره مواطن له الحق في الانتماء السياسي، لكن المرفوض هو أن تكون النقابة تابعة تنظيميا للحزب وهذا الذي لا يسمح بممارسة الديمقراطية الداخلية لأجهزة النقابة حيث يتم تغليب الخط السياسي للحزب على الخط النقابي، ليعود اللبس من جديد وأصبح من غير المعقول الاستناد على هذا المعيار كمقياس للأكثر تمثيلا لافتقاره لمؤشر كمي ، وأضحى من حق أي نقابة أن تعتبر نفسها أكثر تمثيلية في ضل هذا المعيار.
ثم إذا سلمنا بالدور التفاوضي للنقابات، فلماذا نستحضر معيار التمثيلية؟ نجيب بالقول بان المعيار الأول ينص على ذلك، ومن الواضح انه يتحدث عن ممثلي الموظفين في إطار اللجان الثنائية متساوية الأعضاء ودورها استشاري وليس تقريري فهل يمكن القول بان النقابة استشارية؟ أليس هذا هرطقة؟ فمفهوم الحوار والتفاوض يتناقض مع مفهوم الاستشارة مما ينقض المعيار الأول كذلك، لكون النقابات تفاوض، ويمكن القول اعتبارا لهذا التناقض،كل نقابة ولها وصف الأكثر تمثيلا.
وخلاصة القول، إن مفهوم الأكثر تمثيلا مفهوم هلامي يفتقد إلى العناصر والمؤشرات الكمية التي يمكن من خلالها تحديده وبشكل يرفع اللبس نهائيا عن معنى نقابة أكثر تمثيلا وإلا ظلت الصفة للجميع.