النضال النقابي لا يعني ولا يمكن اختزاله في المفهوم الضيق والتقليدي الذي تجاوزه الزمن، مفهوم يحوم حول الزيادة في الأجور،لكون هذا الفهم المنحصر، يدجن بشكل من الأشكال العمل النقابي،في حين أن متطلبات المرحلة التي تشهد حراكا واسعا في جميع مقتضياته، يدفع إلى تبني مفهوم واسع للنضال النقابي، مفهوم مرن بين ما هو اقتصادي ، اجتماعي، ثقافي وسياسي.
تبني هذا الطرح يقتضي تصحيح السلوك النقابي ليتناسب وواقع الحال، يقتضي فك الصلة مع الممارسات التقليدية،التي لم ينتج عنها إلا حصد تراجعات وإخفاقات كان آخرها القانون الأساسي لسنة 2008. أسلوب الفهم التقليدي النمطي الذي يقوقع النضال في مطالب خبزية، لا يمكن بأي حال أن ينهض بالشغيلة لتلعب الدور المنوط بها في عالم العولمة، عالم الحرية والديمقراطية.هذا الفهم والأسلوب الذي يمارس من قبل الموظف في كل يوم وظيفي، حتى أمسى همه الوحيد، وسؤاله الوحيد أيضا، أصبح يحجر تفكيره في حساب راتبه الشهري ،بناء على أخبار يلتقطها هنا وهناك دون تمييز ودون إدراك لما يمرر عليه من قرارات ، فكيف الحال بمن يصدق بأنه سيحتفظ بالمكتسب الأول والذي ينطبق عليه مرسوم الإعانات السابق مع الاحتفاظ باللاحق وكذا بما اكتسب انطلاقا من الحوار الاجتماعي؟ فليسعفني بالجواب من هو اعلم بالسؤال.
وهنا يبرز فشل وعدم قدرة الأجهزة النقابية العاملة داخل القطاع على خلق وعي متجدر وراسخ في أوساطها، وطبعا كل قاعدة ولها استثناء.
أصبح من الضروري وتماشيا مع التغيرات المجتمعية ،مع تغيرات المفاهيم، مع الوعي المتنامي، أن نلاءم نضالاتنا وما ذكر،نتعلم طريقة استنباط العلل من قراءة ما بين السطور، أن نبني الأحكام على حجج دامغة لا يتطرق إليها الاحتمال، ولا نصدق كل ما يقال لأنه ببساطة يرجعنا إلى عالم الكولسة وعالم التسريبات.
النضال النقابي وفق المفهوم الصحيح ، نضال دؤوب يهدف بالأساس إلى تحقيق المصلحة والى خدمة الطبقة الشغيلة وفق مبادئ مرسومة ، شفافة وناجعة، ينطلق من ملف مطلبي متكامل ما بين شق مادي ومعنوي بمقدوره تحقيق العيش الكريم بما تحمله من معنى، ملف تم طرحه بعد دراسة شاملة وعميقة لتفاصيله وما يحيط به من ظروف اقتصادية واجتماعية ، جعله ملفا عمليا وهادفا شهدت كل الأطراف بشرعيته ويصعب تجاوزه بدعوى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعرفها البلد،وهذا مدخل للنكوص عن تقديم عرض واضح حول القانون الأساسي الضامن لكرامة الموظف والذي يسعى البعض إلى تفريغه من لبه وجماعه.
بشرع المنطق، لا نقبل بحصر نضالاتنا التي شهد لها القاصي والداني بالمشروعية ،التي اكتسبتها بسواعد الموظف الذي ضحى يوما بقطعة خبزه، من اجل كرامة يضمنها له قانون أساسي محفز ومحصن لا نرضى له فهما إلا وفق مدلول خطابات ملكية ، كما لا نرضى أن ندحرج بيضا فاسدا بعضه على بعض مكررين تجربة 2008.